مشروب الماتشا: الفوائد الصحية والأسرار الخفية في بودرة الشاي الأخضر
المقدمة:
يُعد مشروب الماتشا أحد أكثر المشروبات شهرةً في الآونة الأخيرة،
خاصةً في مجتمعات الصحة والعافية، حيث يُروج له كـ”مشروب سحري” يجمع بين الطاقة
والهدوء، ويحمل فوائد صحية متنوعة.
فما هو الماتشا؟ ولماذا أصبح
جزءاً من الروتين اليومي للكثيرين؟ وهل فعلاً يستحق هذه الضجة الإعلامية؟
ما هو مشروب الماتشا؟
الماتشا هو نوع من الشاي الأخضر الياباني المطحون، ويُزرع بطريقة
خاصة تجعله مميزًا عن غيره من أنواع الشاي، و يتم حصاد أوراق الشاي (عادة من صنف
“تينشا”) ثم تُجفف وتُطحن إلى مسحوق ناعم جداً بلون أخضر زاهي، بعكس الشاي الأخضر
التقليدي، حيث يُغمر فقط في الماء الساخن، فإنك مع الماتشا تشرب الورقة كاملة، مما
يمنحك تركيزًا أعلى من العناصر الغذائية.
تاريخ الماتشا
يرجع أصل الماتشا إلى الصين، حيث تم استخدامه لأول مرة خلال عهد أسرة
تانغ في القرن السابع الميلادي، لاحقًا انتقل هذا المشروب إلى اليابان في القرن
الثاني عشر على يد الرهبان البوذيين، وأصبح جزءًا لا يتجزأ من طقوس “الشا نو يو”
(حفلات الشاي اليابانية التقليدية)، ومنذ ذلك الحين أصبح الماتشا رمزًا للصفاء
الذهني والهدوء.
القيم الغذائية في الماتشا
تحتوي ملعقة صغيرة (حوالي 1 غرام) من مسحوق الماتشا على:
•
سعرات حرارية: حوالي 3 سعرات
•
كافيين: 35 إلى 70 ملجرام (يعادل نصف كوب من
القهوة تقريبًا)
•
ألياف غذائية
•
مضادات أكسدة، أبرزها الكاتيشين (وخاصةً EGCG)
•
فيتامينات مثل C وA وE
•
معادن مثل البوتاسيوم والمغنيسيوم
ما يميز الماتشا فعلاً هو تركيزه العالي من مضادات الأكسدة، إذ يُقال
إن كوبًا من الماتشا يحتوي على مضادات أكسدة أكثر بـ137 مرة من الشاي الأخضر
العادي.
فوائد مشروب الماتشا الصحية
1. تعزيز التركيز واليقظة
يحتوي الماتشا على مادة L-theanine، وهو
حمض أميني نادر يعمل على تعزيز التركيز والهدوء في الوقت نفسه، وعند مزجه مع
الكافيين الموجود في الماتشا، يُحدث توازنًا فريدًا يمنح شعورًا باليقظة دون
التوتر أو الارتجاف المعتاد مع القهوة.
2. زيادة معدل الأيض وحرق الدهون
تشير بعض الدراسات إلى أن مركب EGCG
الموجود بكثرة في الماتشا يمكن أن يُحفز عملية التمثيل الغذائي، مما يساعد في حرق
الدهون، ولهذا السبب يُدرج الماتشا في العديد من برامج التخسيس الصحية.
3. محاربة الجذور الحرة
بفضل غناه بمضادات الأكسدة، فإن الماتشا يساعد في تقليل الأضرار
الناتجة عن الجذور الحرة، وهي مركبات غير مستقرة قد تساهم في تطور أمراض مثل
السرطان والسكري وأمراض القلب.
4. تعزيز صحة القلب
الماتشا قد يساعد في تقليل مستويات الكوليسترول الضار (LDL)
وزيادة الكوليسترول الجيد (HDL)، مما
يساهم في تقليل مخاطر أمراض القلب.
5. تحسين المزاج
الرهبان البوذيون كانوا يشربون الماتشا قبل جلسات التأمل الطويلة،
لما يمنحه من صفاء ذهني وهدوء نفسي، و هذا الأثر لا يزال قائمًا اليوم، ويُنسب إلى
تفاعل L-theanine مع الدماغ لزيادة إنتاج
الدوبامين والسيروتونين.
طرق تحضير مشروب الماتشا
يمكنك تحضير الماتشا بعدة طرق، لكن الطريقة اليابانية التقليدية تتطلب أدوات معينة:
1. قم بغربلة ملعقة صغيرة من الماتشا في وعاء لمنع التكتلات.
2. أضف ماءً ساخنًا (ليس مغليًا) بدرجة حرارة 70-80 درجة مئوية.
3. استخدم مضرب البامبو (تشاسين) لخفق المزيج بحركة “W” حتى تحصل على رغوة ناعمة على السطح.
ويمكن أيضًا تحضيره مع الحليب النباتي أو العادي للحصول على “لاتيه الماتشا”، وهو خيار شائع في المقاهي.
هل الماتشا مناسب للجميع؟
رغم فوائده العديدة، إلا أن الماتشا يحتوي على كمية غير قليلة من الكافيين، مما يجعله غير مناسب لبعض الفئات مثل:
• الحوامل والمرضعات (يفضل استشارة الطبيب)
• من يعانون من اضطرابات النوم
• من لديهم حساسية تجاه الكافيين
• من يتناولون أدوية معينة قد تتفاعل مع مضادات الأكسدة
كما أن الإفراط في شرب الماتشا (أكثر من كوبين يوميًا) قد يؤدي إلى
اضطرابات في المعدة أو الأرق.
الماتشا بين الفخ التجاري والفائدة الحقيقية
في ظل ازدياد شعبية الماتشا، ظهرت عشرات المنتجات التجارية التي تروج له، من الآيس كريم وحتى مستحضرات التجميل، و ينبغي على المستهلك أن يُفرق بين الماتشا الحقيقي النقي (عادة ما يكون أغلى ثمناً ولونه أخضر زاهي) وبين المنتجات منخفضة الجودة التي قد تحتوي على إضافات وسكر ومكونات صناعية.
إذا كنت تشتري الماتشا لأغراض صحية، فاختر النوع “Ceremonial Grade”، فهو الأفضل من حيث النقاء والطعم والمصدر.
الخاتمة:
الماتشا ليس مجرد مشروب عصري ظهر فجأة وحقق ضجة على وسائل التواصل، بل هو تقليد قديم له جذور عميقة في الثقافة الآسيوية، ويجمع بين الفائدة الصحية والهدوء النفسي، و سواء كنت تبحث عن بديل للقهوة، أو تسعى لتعزيز طاقتك ومناعتك، فقد يكون الماتشا خيارًا يستحق التجربة.
لكن، كما هو الحال مع أي عنصر غذائي، فإن الاعتدال هو المفتاح، ويجب
أن تحرص على اختيار النوع الجيد، و دمجه ضمن نظامك الغذائي المتوازن، وستجد في هذا
المسحوق الأخضر الصغير كثيرًا من الطاقة والصفاء في كوب واحد.
