موجات الحر و ظاهرة النينيو

موجات الحر العملاقة وظاهرة النينيو صيف 2025:

الأسباب والتأثيرات والتحذيرات




 

المقدمة:

شهد صيف 2025 موجات حر غير مسبوقة ضربت أجزاء واسعة من العالم، حيث تجاوزت درجات الحرارة في بعض المناطق 50 درجة مئوية، في مشهد أعاد للأذهان موجات الحر القاتلة في أوروبا عام 2003 والهند 2015، وأكد خبراء الأرصاد والمناخ أن هذه الظاهرة مرتبطة بشكل أساسي بظاهرة النينيو (El Niño) التي دخلت مرحلة نشطة هذا العام، لتصبح واحدة من أقوى النينيو المسجلة منذ عقود.

 

ما هي ظاهرة النينيو؟

النينيو ظاهرة طبيعية تحدث كل 2-7 سنوات تقريبًا في المحيط الهادئ الاستوائي، عندما تسخن المياه السطحية للمحيط بشكل غير طبيعي، وهذا التسخين يؤدي إلى تعطيل الأنماط الجوية العالمية، مما يسبب تطرفًا في الطقس كالجفاف و الفيضانات، والأهم في حالتنا موجات الحر الشديدة، وقد أعلنت الإدارة الوطنية الأمريكية للمحيطات والغلاف الجوي (NOAA) أن النينيو 2025 أقوى بنسبة 30% من المتوسط التاريخي، مما يفسر ما نراه من موجات حر عملاقة في آسيا، أوروبا، وأمريكا الشمالية.

 
كيف ساهمت النينيو في موجات الحر صيف 2025؟

تسببت النينيو في تعطيل التيارات النفاثة (Jet Streams) التي تتحكم في حركة الكتل الهوائية، مما جعل الهواء الساخن يتركز فوق مناطق معينة لفترات طويلة دون أن تتحرك الكتل الباردة لتبريده، وهذا ما يسمى بالقبة الحرارية (Heat Dome) التي أدت إلى تسجيل درجات حرارة قياسية في دول مثل:

·         الهند وباكستان: حيث تخطت الحرارة 51 درجة مئوية، مما أدى إلى وفيات بالعشرات وزيادة في حرائق الغابات.

·         أوروبا الجنوبية: مثل إيطاليا وإسبانيا، حيث وصلت الحرارة في بعض المدن إلى 47 درجة مئوية، وهو رقم لم تسجله منذ بدء القياسات الحديثة.

·         الولايات المتحدة: خاصة في ولايات الجنوب الغربي مثل أريزونا وتكساس، التي عانت من درجات حرارة تجاوزت 48 درجة مئوية لأسابيع متتالية.

 
تأثيرات موجات الحر على الصحة والاقتصاد

تسببت موجات الحر في زيادة معدلات الإصابة بضربات الشمس، الجفاف، والإجهاد الحراري، خاصة في الدول منخفضة الدخل التي تعاني من بنية تحتية صحية ضعيفة، كما أثرت سلبًا على الزراعة، إذ تعرضت محاصيل القمح والأرز في الهند للتلف بسبب الجفاف، ما ينذر بأزمة غذاء عالمية وارتفاع في الأسعار.

كذلك تأثرت شبكات الكهرباء بشدة نتيجة زيادة الطلب على أجهزة التكييف والتبريد، مما أدى إلى انقطاعات متكررة في التيار الكهربائي في كثير من المدن الكبرى.


هل تغير المناخ زاد الامور سوءًا؟

يرى علماء المناخ أن ظاهرة النينيو هذا العام تزامنت مع آثار التغير المناخي طويل الأمد الناتج عن انبعاثات الغازات الدفيئة، ما جعل درجات الحرارة تصل لمستويات غير مسبوقة، إذ يؤدي الاحتباس الحراري إلى رفع متوسط درجات حرارة الأرض، بحيث تصبح موجات الحر الناتجة عن النينيو أكثر عنفًا وطولًا.

وفي تقرير صادر عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC) في مايو 2025، حذر الخبراء من أن استمرار ظاهرة الاحتباس الحراري سيجعل موجات الحر الشديدة أكثر تكرارًا بمعدل ثلاث مرات بحلول عام 2050، ما لم تُتخذ إجراءات عاجلة للحد من الانبعاثات.

 
ما الذي يجب فعله للتكيف وتقليل المخاطر؟

يؤكد الخبراء على ضرورة اتخاذ عدة خطوات عاجلة لمواجهة هذه الظواهر، مثل:

1. تحسين أنظمة الإنذار المبكر لموجات الحر لتقليل الوفيات.

2. توعية السكان بالإجراءات الوقائية مثل شرب كميات كافية من المياه وتجنب الخروج وقت الذروة.

3. تعديل المدن لتصبح أكثر قدرة على التكيف، من خلال زيادة المساحات الخضراء وتحسين التهوية الطبيعية في المباني.

4. خفض الانبعاثات الكربونية عالميًا للتقليل من شدة ظواهر النينيو المستقبلية.

 

الخلاصة:

صيف 2025 كان بمثابة جرس إنذار جديد حول خطورة التغيرات المناخية وظواهر الطقس المتطرفة، حيث جاءت موجات الحر العملاقة نتيجة التقاء النينيو القوي مع الاحتباس الحراري العالمي، لتكشف عن هشاشة الأنظمة الصحية والزراعية في الكثير من الدول أمام هذه الظواهر. إن لم يتحرك المجتمع الدولي سريعًا، فإن موجات الحر التي نشهدها اليوم قد تصبح هي الوضع الطبيعي الجديد في العقود القادمة.

 

المصادر: 

1. الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي (NOAA) - تقرير النينيو يونيو 2025:

www.noaa.gov

2.             الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC) - تقرير التغير المناخي 2025:

www.ipcc.ch

3.             منظمة الصحة العالمية (WHO) - موجات الحر وتأثيرها على الصحة، يونيو 2025:

www.who.int


إرسال تعليق

0 تعليقات